أردوغان وغزة- قوة تركيا لإنهاء المأساة وتحقيق السلام

المؤلف: كمال أوزتورك10.17.2025
أردوغان وغزة- قوة تركيا لإنهاء المأساة وتحقيق السلام

في مدينة ريزا، وتحديدًا في اليوم الثامن والعشرين من شهر يوليو/تموز، عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لقاءً جماهيريًا حاشدًا ضمّ أعضاءً من الحزب الحاكم. خلال هذا الاجتماع، استعرض الرئيس الأوضاع الراهنة في تركيا على الأصعدة الاقتصادية والعسكرية والسياسية، مؤكدًا على حتمية تعزيز قوة الدولة، مستشهدًا بأمثلة واقعية لتوضيح رؤيته.

ماذا قال أردوغان عن غزة؟

في سياق خطابه، أولى أردوغان اهتمامًا خاصًا بملف غزة، حيث أثارت تصريحاته ردود فعل واسعة النطاق على مستوى العالم. صرح أردوغان قائلًا: "إذا نظرنا إلى صناعات الدفاع، كيف كانت قيمة صادراتنا ووارداتنا في الماضي؟ وإلى أي مدى وصلنا اليوم؟ يا أحبائي، يجب ألا نصاب بالغرور. علينا أن نكون في غاية القوة، لكي لا تتمكن إسرائيل من ارتكاب الفظائع التي ترتكبها في فلسطين. فكما تدخلنا في قره باغ وليبيا، يمكننا أن نفعل الشيء نفسه هناك. لا يوجد ما يمنعنا، كل ما نحتاجه هو القوة اللازمة لاتخاذ مثل هذه الخطوات."

ردود فعل محلية ودولية

أثارت هذه التصريحات موجة من ردود الفعل المتباينة على الصعيدين التركي والدولي. وسارعت وسائل الإعلام إلى تحليل وتفسير هذه التصريحات، وتسليط الضوء على احتمالية تدخل تركيا في غزة. وفي المقابل، وجه وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس تهديدًا مباشرًا للرئيس أردوغان، متوعدًا إياه بمصير مماثل لمصير صدام حسين. الأمر الذي أثار استنكارًا شديدًا من وزارة الخارجية التركية ومختلف المؤسسات التركية الأخرى، التي ردت بقوة على تصريحات الوزير الإسرائيلي.

دعوة محمود عباس للتحدث في البرلمان

في سياق متصل، انتقد النائب دوغان بكين، المنتمي إلى حزب الرفاه الجديد، الحكومة التركية، معترضًا على عدم دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإلقاء كلمة في البرلمان التركي، على غرار خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مجلس الشيوخ الأميركي. رد الرئيس أردوغان على هذا الانتقاد بحدة قائلًا: "في الوقت الذي نتخذ فيه مواقف حازمة ضد إسرائيل، ونقطع جميع العلاقات التجارية والدبلوماسية معها، يخرج علينا أحدهم – ومعذرة على هذا التعبير – بوقاحة، ويقول: يجب دعوة محمود عباس إلى برلماننا!".

ثم أضاف أردوغان: "من يكون هذا الشخص؟ إنه عضو في حزب الرفاه الجديد، يبدو أنه يعاني من بعض المشاكل العقلية. من قال لك أننا لم ندعُ محمود عباس؟ لقد وجهنا إليه الدعوة بالفعل، ولكنه للأسف لم يتمكن من قبولها. وبالطبع، سنواصل العمل في هذا الاتجاه. نحن نتخذ كافة الخطوات اللازمة، ولكننا نتعرض للهجوم من الداخل."

لماذا أدلى أردوغان بهذه التصريحات؟

مع تجاوز عدد الضحايا في غزة نتيجة للمجازر الإسرائيلية المروعة حاجز الأربعين ألف شهيد، تصاعدت موجة الغضب والاستنكار في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك تركيا. ومن المعروف عن الرئيس أردوغان دعمه الراسخ للقضية الفلسطينية، إلا أن عجزه عن وقف نزيف الدم وعدم تدخله بشكل كافٍ يمثل ضغطًا هائلًا عليه.

في كلمته، أشار أردوغان بوضوح إلى أنه في حال امتلكت تركيا قوة عسكرية واقتصادية أكبر، لكانت قادرة على التدخل لوقف المجازر المرتكبة في غزة. يهدف أردوغان من خلال هذه التصريحات إلى تحفيز حزبه الحاكم، والجهاز البيروقراطي، والمواطنين الأتراك على العمل بجد لبناء تركيا قوية وقادرة. وعلى الرغم من أن هذا الخطاب لا يعكس بالضرورة وجود خطة عسكرية أو استراتيجية دبلوماسية محددة لدى تركيا للتدخل في غزة، إلا أنه يعبر عن رؤية أردوغان للمستقبل، وكيف يمكن لتركيا القوية أن تساهم في حل القضايا الإقليمية.

التدخلات التي غيّرت التوازنات الإقليمية

في معرض حديثه، استعرض الرئيس أردوغان مثالين بارزين لتدخلات تركية ناجحة ساهمت في تغيير موازين القوى في المنطقة. فخلال حرب قره باغ، قدمت تركيا دعمًا عسكريًا ولوجستيًا حاسمًا لأذربيجان، تجسد في إرسال مستشارين عسكريين وطائرات مسيرة تركية متطورة ومنتجات أخرى من الصناعات الدفاعية التركية. هذا الدعم قلب موازين الحرب لصالح أذربيجان، وأسهم في تحقيق النصر. وقد شهد العالم بأسره الأثر الكبير الذي خلفه هذا الدعم التركي.

وفي الحرب الأهلية الليبية، وقفت تركيا إلى جانب حكومة الوفاق الوطني، وهو ما أحدث تغييرًا جذريًا في موازين القوى. وبفضل الدعم التركي، تمكنت حكومة الوفاق من استعادة السيطرة على مناطق واسعة واستعادة قوتها. وفي كلا التدخلين، لعبت القوات العسكرية التركية دورًا حاسمًا على أرض المعركة.

هل يحق لتركيا دخول غزة؟

في الحالات التي ذكرها أردوغان، كانت هناك اتفاقيات تعاون عسكري متبادل مبرمة بين تركيا والدول المعنية. وبفضل هذه الاتفاقيات، تمكنت تركيا من الحفاظ على وجود عسكري في دول مثل الصومال وقطر والعراق، بما يتوافق مع القانون الدولي.

من الناحية الفنية، يمكن إيجاد وضع مماثل مع فلسطين من خلال إبرام اتفاقية مماثلة. بالطبع، لا يتوقع أحد أن يكون ذلك أمرًا سهلًا أو سريعًا. ففي ضوء الاتفاقيات المبرمة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول الأوروبية الأخرى مع إسرائيل، والتي تسمح بوجود قوات عسكرية في الأراضي والمياه الفلسطينية، لا يمكن لأحد أن ينتقد تركيا إذا اتخذت خطوة مماثلة. وهناك العديد من الفيديوهات التي تظهر قوات خاصة أميركية تقاتل في غزة.

تشكيل قوة عسكرية مشتركة

إن القوة العسكرية والاقتصادية لتركيا ليست كافية حتى الآن للتدخل في غزة بشكل فعال بمفردها. لذا، فإن القيام بأي خطوة منفردة يبدو غير ممكن. ولكن إذا تمكنت تركيا من قيادة جهود تشكيل قوة عسكرية مشتركة مع الدول الكبرى في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية ومصر وإيران وباكستان، فإنه يمكن إرسال هذه القوة إلى المنطقة بناءً على طلب من السلطة الفلسطينية.

ستكون تركيا داعمًا قويًا لتشكيل هذه القوة المشتركة لضمان السلام وحماية المدنيين في غزة. وهذا لا يعني الدخول في حرب، بل هو خطوة ضرورية لتحقيق السلام الدائم.

الجميع يرى الآن أن العدوان الإسرائيلي لن يتوقف عند حدود فلسطين، فطموحات إسرائيل التوسعية تشمل أراضي ست دول أخرى، وهذا ليس مجرد نظرية مؤامرة بل هو هدف سياسي معلن. لهذا السبب، تحتاج الدول الإسلامية إلى تشكيل قوة عسكرية مشتركة لضمان أمنها ومواجهة التحديات المتزايدة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة